هل يشك عاقل في أن للعرب حشوداً من الباحثين في الدراسات المستقبلية؟ اللغز هو أن وجودهم لا يعني أنهم عاكفون على دراسة القضايا المصيرية. وهل يشكّك أحد فيعترض أو ينفي؟ لو كانت لدينا بحوث يعتد بها ما كانت الأحوال على هذه الأهوال.
لا يجوز القطع بأن الأرض العربية لا تنبت دراسات مستقبليةً، حماها الله من شرّ البليّة، فالقوم منكبّون على الأمور القصيّة: هل ستكون للمسافرين على المركبات الفضائيّة محطات استراحة؟ متى سيهبّ الذكاء الاصطناعي لإنقاذ الدماغ العربي من مشقّة التفكير في المستقبل؟ هل سيستطيع ذكاء الآلة التوصل إلى تحديد جنس الملائكة؟ وغيره من عظائم الشؤون.
من الضروري إدراك الحكمة وراء انشغال الدراسات المستقبلية بالأمور الحارقة، فتلك قضايا حساسة موكولة إلى المنظمة العربية الكبرى، والتدخل في مسؤولياتها من الكبائر. هؤلاء أهل اقتداء «إن التشبّه بالرجال فلاحُ». وجدوا ضالتهم في المثل الصيني: «اجلس إلى ضفة النهر وانتظر، فسوف يمرّ يوماً حاملاً جثة عدوّك». منذ أكثر من قرن وهم ينتظرون، والمتصوفة يقولون: «الإرادة هي ألاّ تفعل».
لا يخطر ببال الباحثين شأن كالاستشراف الاستباقي. هم لا يتصورون أن المستقبل بدأ الآن، وأن على أدمغتهم أن تسبق الغد بالسؤال: ماذا تعني الوحدة الاندماجية بين ترامب وماسك. هل سيكون الرئيس السابع والأربعون متطوراً بنسخة خارقة من حرب النجوم؟ دع المثل الإفريقي: «عندما تتصارع الفيلة، فإن العشب هو الذي يداس». كأن الشابّي صاغ المثل: «إن الحياة صراعٌ.. فيها الضعيف يداسُ».
ماذا يعني انضمام ماسك إلى رجل لا يمكن حساب العواقب معه؟ ترامب رئيس لو جُمعت قوى كل إمبراطوريات التاريخ، لم تبلغ بعض ما في قبضته من جبروت. لكنه لا يساوي بعض نبوغ ماسك سابق زمانه. ترامب يرى نفسه ضئيلاً أمام ماسك، لأنه يقيس الناس بما يملكون، كما يقيس الأشياء بالسعر لا بالقيمة. ما هي مطامح ماسك ومطامعه حتى يقبل وزارة كبغلة البهاء زهير «ليست تساوي خردلة»؟ هل النابغة ساذج فينضمّ إلى زعيم يمكن أن يشعل الكوكب حروباً، فيقضى على مستقبله؟ ماذا يقول خبراء العرب في هذا المشهد؟ ما الذي ستحمله العواصف القواصف بعد 20 يناير، فالأفق لا تلوح فيه علائم حمائم ونسائم؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الترامبية: ما الذي يعنيه الرئيس في رئاسته الأخيرة بقوله «وختامها ماسك»؟
0 تعليق