د. صلاح الغول*
تقول الأخبار إنّ سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، يشارك في مؤتمر«كوب29» في باكو بأذربيجان، فماذا يفعل أعلى مسؤول أمني في فعالية مناخية دولية؟.
بادئ ذي بدأ، يستلهم صاحب المواطنة الإيجابية سمو الشيخ سيف بن زايد دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بأن مهمة الجميع هي الاستمرار في إيجاد أرضية مشتركة والعمل من أجل مصلحة البشرية بأكملها. وضرب صاحب السمو المثل بمشاركته بنفسه في فعاليات الحدث المناخي العالمي.
كما يسعى سمو الشيخ سيف إلى مراكمة جهوده في «كوب28» بدبي الذي اختُتم بسجل حافل بالإنجازات عبر جميع أهداف العمل المناخي، وأهمها «اتفاق الإمارات» التاريخي. علاوة على ذلك، فإنّ الأجهزة الأمنية هي المستجيب الأول في مواجهة الجرائم البيئية، وثمة ارتباط وثيق بين الجرائم البيئية، والجريمة المنظمة، وجرائم الفساد، وجرائم تمويل الإرهاب، وكل الأنشطة غير القانونية وغير الشرعية. وقد اصطحب سمو الشيخ سيف بن زايد معه بنيه ليترجم أطروحته في آخر قمة عالمية للحكومات 2024 عن «مسؤولية الأجيال» إلى واقع عملي.
وقد تعددت وتنوعت مشاركات سمو الشيخ سيف في مؤتمر المناخ الدولي بباكو، بدايةً من ترؤسه اجتماعاً، بالشراكة مع مكتب المدعي العام الآذري ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، عن حشد جهات إنفاذ القانون لتعزيز العمل المناخي، ولقاءاته بوزير الداخلية الآذري، والمدعي العام في كل من روسيا وأذربيجان، وعدد من المسؤولين الأمميين الأمنيين المعنيين بسيادة القانون ومكافحة المخدرات والجريمة.
وركزت مناقشات ومداولات سموه على ضرورة التكامل بين أجهزة إنفاذ القانون في العالم، ومتابعة سير المبادرة الإماراتية الدولية لإنفاذ القانون من أجل المناخ، المعروفة بمبادرة I2LEC، وبحث آفاق تطوير التعاون الثنائي في مجالات الأمن والعدالة، وتبادل الخبرات لمواجهة التحديات الأمنية العابرة الحدود بما في ذلك مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وآثار مكافحة تلك الجرائم في تعزيز العدالة وسيادة القانون، وأهمية التعاون الدولي لدعم السلام والاستقرار والتنمية المستدامة على مستوى المنطقة والعالم.
وفي كلمته أمام الملتقى النوعي بشأن «حشد إنفاذ القانون لتعزيز العمل المناخي» في «كوب 29»، استأنف سمو الشيخ سيف بن زايد طرح مصطلحات وأفكار مبدعة، كما يفعل في القمة العالمية للحكومات منذ تأسيسها عام 2013، فقد أطلق على الأرض وصف الأم، متأولاً بيت أحمد شوقي المشهور، ومؤكداً أنه إذا كانت صحة أمنا الأرض جيدة فستستمر الحياة البشرية، وسيكون العالم بصحة جيدة وكذلك الأجيال المقبلة.
ثم ألقى سمو الشيخ سيف أطروحته الجريئة عن «الإرهاب البيئي»، وكأنها صخرة ألقيت في بحيرةٍ راكدة، فهناك إرهاب يمارس على البيئة من قبل بعض الأفراد وبعض الدول، ويجب تسليط الضوء بوضوح على كل «من يرتكب الجريمة في حق الإنسان وحق أمنا الأرض». وللتدليل على مصداقية أطروحته، قدم سموه مؤشرات على تصاعد الإرهاب البيئي في العالم. فأولاً: بلغت معدلات تغير المناخ مستويات قياسية. فقد كان عام 2023 الأكثر دفئاً على الإطلاق، حيث اقترب متوسط درجات الحرارة السنوي من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات عصر ما قبل الصناعة. وثانياً: تتزايد الجرائم البيئية بأكثر من 8% سنوياً، وتراوحت قيمتها في عام 2018 بين 110 – 281 مليار دولار. وثالثاً: تنامي الخسائر البيئية الناجمة عن الإرهاب، لا سيما استهداف البنية التحتية للطاقة، الذّي تسبب في حدوث تسربات نفطية أثرت في أكثر من 10000 كيلومتر مربع من الأراضي والمياه منذ عام 2000.
ثم استعرض سموه أمام حضور الاجتماع النتائج الأولية المبشرة لعمليتي (العدالة الخضراء) و(درع الغابة)، اللتين جرتا على مدى عدة أسابيع بمشاركة 11 دولة على رأسها دولة الإمارات ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وغيرهم، في حوضي الأمازون والكونغو.
واختتم سموه كلمته بالتشديد على أنّ التعاون الدولي يعد ركيزة أساسية في مكافحة الجرائم البيئية، والتصدي للتحديات والجرائم المرتبطة بها، مشيراً إلى أن توظيف الأطر القانونية الدولية والإقليمية، إلى جانب توفير الأطر التمويلية الملائمة لمشروعات المناخ هو حجر الزاوية لهذا التعاون. وفي هذا الصدد، شدد سموه على أن التعاون العالمي في مكافحة التغير المناخي يحتل مكانة متقدمة في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، وجدّد تأكيد التزام دولة الإمارات بتعزيز دور إنفاذ القانون في العمل المناخي ضمن إطار من التعاون الدولي، لإيجاد حلول للتحديات المناخية العالمية، ودعم الهدف العالمي المشترك في مكافحة الجرائم البيئية واستعادة الأنظمة البيئية المتضررة.
وهكذا، فإن أجهزة إنفاذ القانون والشرطة تلعب دوراً محورياً كمستجيب أول في مكافحة الجرائم البيئية، عن طريق الرصد الفعال والتحري والتدخل السريع لحماية البيئة. وهذا يُفسر المشاركة الفعّالة لوزراء الداخلية وضباط إنفاذ القانون، وعلى رأسهم سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، في مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب29) المنعقد في باكو، أذربيجان، في الفترة من 11-22 نوفمبر الجاري. ولعل ذلك أيضاً، كما بيّن سمو الشيخ سيف، يؤكد أهمية تمكين أجهزة إنفاذ القانون والشرطة تحقيقاً لمكافحة أكثر فاعلية للجرائم البيئية.
0 تعليق