خواطر في البحث عن فكرة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل لديك فكرة يستطيع المثقفون بها مدّ يد العون إلى الشعوب؟ طلبٌ، إن رمتَ الصدق، في غير محلّه، ثم إن فيه تجاسراً كبيراً، فكأنك تعني أن المفكرين والأدباء والفنانين العرب، تنقصهم الأفكار. لعلمك أيّها المدّعي، أولئك ينتجون من الأفكار ما يجاوز في نهاية العام التلال، فتأتي البلديات وتحرقها، مثلما يفعل المزارعون بتبن الحقول.
لهذا كانت عادة العالم العربي دائماً، البدء كل عام من الصفر، خشية مراكمة التجارب والتعلم من الأخطاء. المنهجيّة التي درجوا عليها، عبقرية، فهي تسدّ أبواب الريح، وتستريح. مصادر الرياح معلومة: العقل الناقد، البحث والتحقيق، المتابعة والمحاسبة والفلسفة، وكل ما يجلب صداع الأسئلة. العهدة على اللغويين الذين علّمونا أن السؤال والمسؤولية من جذر واحد.
دعنا من السفسطائية في الطرح، فليس ثمّة كائن في هذا العالم، لا يحتاج إلى فكرة جديدة نيّرة، ورأي ثاقب. رأس الخيط بسيط: كيف يصدّق عقل عاقل أن أربعمئة مليون عربي، جرّاء اختلالات فنيّة في حسابات النجوم والطوالع، خارجةً عن نطاق مسؤوليتهم في إدارة الأزمات، تأقلموا مع أشرس تكاليف الحياة، ومن يعش سبعاً وسبعين سنة من المظالم، يألف ويُدجّن؟ ظاهرة جديدة من ابتكارات الدهر، أن تصير تلك الملايين في كمّاشة أسلاك شائكة من الاحتمالات أحلاها العلقم.
هل سيقول جو بايدن: «فليجرف السيل الجميع»؟ وعندئذ يترك الدنيا أرضاً محروقةً لوريث البيت الأبيض. فإن لم يفعل، وآثر الاكتفاء بالإنجازات التاريخيّة التي شاد صرحها باللحوم العربية، فمَنِ الغافلُ عن حادثات الليالي، في مضارب العرب، الذي سينام قرير العين وفي جمجمته يتردّد هدير وعود دونالد ترامب بإعادة انتشار كتل الديموغرافيا العربية في الشرق الأوسط؟ هل من عربي يعرف حقاً ما هو شكل الشرق الأوسط الجديد؟ وكم سيكون حجم لُقم الابتلاع؟ على من لا تُكدّر صفوه هذه الهواجس، أن يقطع حلّ التسالي هنيهةً، بسؤال مثل: لماذا يتصرّفون مع الملايين العربية هكذا؟ كيف صارت وحشية المغول، أشد براءة من الأطفال؟ هل الشعوب بضاعة لا صاحب لها؟ تخيّل لو تجرأت دولة على أن تقول لأهل ليختنشتاين أو لوكسمبورغ: «غداً لن تكونوا هناك.. غداً ستكونون في اللاّمكان..غداً، لن يكون لكم من مكان ولا من زمان». بكل بساطة: حرب عالمية ثالثة.
لزوم ما يلزم: النتيجة المنطقيّة: المثقفون على حق، إذا لم يكن لهم دور فعّال حيوي في أوطانهم، غايتهم إبداع الأدب والتشكيل والموسيقى، لهذا نرى الإبداع الثقافي العربي يقول للشمس: لا تشرقي.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق